Thursday, 14 November 2013

مجنون يحكي .. عاقل يسمع

لِمسرحية "مجنون يحكي" أبعاد كثيرة وأهداف تتجاوز حدود المسرح اللبناني الذي اعتدناه. ولكن نتيجةً لمحبّتي للكلام المختصر وتقديري للحسابات الفنيّة والأدبيّة الدقيقة، اخترت أن أُعَبِّرَ عن ما شاهدتَهُ منْ ابداعٍ رحبانيٍّ في هذا العمل، ببعضِ الأفكار التي تَتَرْجَمُ ببعضٍ مِنَ الأَحاسيسٍ لمُشاهِدٍ يهوىْ الوصولَ الى حدودِ الحريَّاتِ، في وطن لم يعِش - في الحرية - سنّ مراهَقة ..
اختارت "ناهدة نون" أو ندى أبو فرحات أن تَعْبُرَ من مرحلة التمثيل "البلدي" التقليدي الى مرحلة الفنّ المعاصر بخلطها اللون الدرامي البسيط باللون الانفعالي الهستيري، فأنتجت لحنًا مميّزًا استمالت به الجمهور.
أمّا "الحكيم" أو أستاذ الفنّ زياد الرحباني، فهو كعادتِه حكيم في استخدام النقد الذاتي والطريقة الساخرة في تحليل الأمور والتطرّق الى موضوع اجتماعي معيّن.. فكيف اذا كان هذا الموضوع: "الأنظمة الاستبداديّة و الظلم". انّها أرضٌ خصبة لعنَ من خلالها القمع من دون أن يلعن الجلّاد، فاستحى بذلك القمع ورضخ الجلّاد.
نصل الى "نهاد نون" أوغبريال يمين مالك أوركسترا تتغلغل ألحانها في عروق المستمع. الملاحظ أيضًا أنّ من أهدافها أن تربك الجمهور ولكن عفويّة يمين استطاعت أن تخلق تناسق جميل، فأنتجت العقدة.
هنا يأتي دور "المعلّمة" أندريه ناكوزي والممثّلة ألين سلّوم بدور الطفلة "نونو"، فتنظر الى غرفة التعليم كأنّها آداة تنقلك من الماضي الأليم الى الحاضر القاسي، ومن الحاضر القاسي الى المستقبل المجهول. فعلًا تفانت ألين سلّوم في تمثيلها، فخرجت من ايطار المسرح الى عالم بعيد نتجاهله في حياتنا اليوميّة.. عالمٌ مليء بالحزن والضياع، فسافر معها الجمهور. أخيرًا، "سماحة سيادة معالي الكولونيل" ايلي كمال، فيكفي أن تلفظ أسمه لتسقط "عظمة" الألقاب.

No comments:

Post a Comment